اللواء عبد الواحد لـ”اليوم”: إسرائيل ضربت إيران لأنها تيقنت من ضعفها
في واحدة من أخطر العمليات العسكرية التي نفذتها إسرائيل ضد إيران خلال السنوات الأخيرة، أعلنت تل أبيب صباح الجمعة عن تصفية معظم قادة سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني خلال اجتماع سري في مقر تحت الأرض داخل إيران.
الضربة التي جاءت ضمن عملية أطلقت عليها إسرائيل اسم “الأسد الصاعد”، شملت كذلك منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية في نطنز. وأوقعت عددًا من الضحايا المدنيين والعسكريين والعلماء النوويين، ما دفع طهران إلى اعتبارها إعلان حرب صريح.
وبينما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العملية بأنها “ضربة استباقية لدحر التهديد الإيراني لوجود إسرائيل”. توعّد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان برد “مشروع وقوي” يجعل إسرائيل “تندم على فعلتها الغبية”. مؤكدًا أن طهران لن تسكت على “العدوان الوحشي الذي يخالف كل القوانين الدولية”.
مناطق الاستهداف
تشير المعلومات إلى أن الاستهداف طال محيط مدينة تبريز، حيث تقع القاعدة الجوية الثانية التي تستخدمها القوة الجوية الإيرانية وتضم مقاتلات F-14 وF-5، إضافة إلى الفرقة 21 مشاة (حمزة). واللواء المدرع 36 في ميانة، وهي تشكيلات برية تعتمد عليها طهران في ضبط الحدود الشمالية الغربية.
كذلك، يُعتقد أن الهجمات الإسرائيلية طالت أو هددت منشآت دفاع جوي وصاروخي، منها بطاريات من طراز “3rd Khordad” و”مرصاد”. إضافة إلى مقر حمزة سيد الشهداء التابع للحرس الثوري، وهو مركز عمليات حاسم في الشمال الإيراني، يُشرف على مناطق كردستان وأذربيجان الغربية.
لماذا أذربيجان الشرقية؟
تُعد هذه المنطقة نقطة ارتكاز استراتيجية، لقربها من الحدود مع عدة دول، ولما تحتويه من بنى تحتية عسكرية حساسة، فضلًا عن قربها من ممرات لوجستية محتملة تستخدمها إيران لنقل أسلحة إلى سوريا أو إلى وكلائها في العراق ولبنان.
ويُعتقد أن إسرائيل اختارت هذا الموقع في إطار استراتيجية “ضرب الأعصاب المركزية” التي تهدف إلى تعطيل قدرات القيادة والسيطرة الإيرانية في المناطق الحساسة، وإرسال رسالة بأن اليد الإسرائيلية يمكن أن تصل إلى العمق العسكري الإيراني.
ضعف الدفاعات الإيرانية
يقول اللواء محمد عبد الواحد، الخبير في الأمن القومي والعلاقات الدولية. إن “إسرائيل باتت على يقين بأن الدفاعات الجوية الإيرانية ضعيفة”. مشيرًا إلى أن “هناك اختراقًا استخباراتيًا وفنيًا بالغ الخطورة. عبر طائرات تجسس، وربما أقمار صناعية إسرائيلية وأمريكية ترصد تحركات الجيش الإيراني على مدار الساعة”.
ويضيف في تصريح خاص لـ”اليوم” أن “العملية الإسرائيلية سبقتها ضربة قبل أسابيع استهدفت اجتماعًا لقادة سلاح الجو الإيراني، وكذلك اغتيال إسماعيل هنية داخل الأراضي الإيرانية، مما يؤكد وجود شبكة استخبارات نشطة جدًا تعمل من داخل إيران لصالح إسرائيل”.
الصبر الاستراتيجي
يرى اللواء عبد الواحد أن إسرائيل استغلت “الفراغ الاستراتيجي في المنطقة”، وغياب ردود فعل رادعة من إيران. لتكثيف عملياتها. مشيرًا إلى أن “الصمت الإيراني طيلة السنوات الماضية أوحى لإسرائيل والولايات المتحدة بضعف طهران”. معتبرًا أن “استراتيجية الصبر الاستراتيجي التي تعتمدها إيران أثبتت فشلها، كما حدث مع حماس وحزب الله”.
ويضيف: “إسرائيل وظّفت وجود الرئيس ترامب، وتحالفها العميق معه. لتحقيق مكاسب استراتيجية، من بينها ترسيخ دورها كقوة إقليمية صاعدة في الشرق الأوسط، والقضاء على أذرع إيران العسكرية واحدة تلو الأخرى”.
إقرأ أيضًا:: إسرائيل تفتتح حربا دينية بـ”الأسد الصاعد” في قلب طهران.. وخبير يحذر
ماذا بعد؟
يعتقد اللواء عبد الواحد أن “هذه الضربة لن تكون الأخيرة”، مشيرًا إلى أن “العمليات ستتواصل في شكل غارات خاطفة تهدف إلى تدمير البنية الدفاعية الإيرانية وإفراغ سماء إيران من قدرات الردع”. مرجحًا أن “الرد الإيراني سيكون على الأرجح إعلاميًا، أو عبر إطلاق صواريخ ومسيرات محدودة التأثير”.
ويختتم بالقول: “الولايات المتحدة قد تلعب الآن دور المهدئ الدبلوماسي، فتُجري اتصالات مع إيران بهدف احتواء الغضب الإيراني ومنع التصعيد. خاصة أن واشنطن نفسها لا تريد حربًا شاملة في المنطقة، لكنها لا تمانع في توظيف الغارات الإسرائيلية لإضعاف إيران على المدى الطويل”.