حوارات

الدكتور ميلاد ممتاز خبير العلاقات الدولية في تصريح خاص لليوم عن الحرب الايرانية الإسرائيلية…الخسائر والمكاسب

دور المخابرات الأمريكية في تحديد نوعية ودقة الضربات

حوار حسني شومان

في تصريح خاص لليوم تحدث الدكتور ميلاد ممتاز منسي  خبير العلاقات الدولية عن الحرب الايرانية الإسرائيلية الخسائر والمكاسب و ابرز الشخصيات التي تم استهدافها وعلاقتها بالمشروع النووي الإيراني و دور المخابرات الأمريكية في تحديد نوعية ودقة الضربات و غياب الدفاعات الجوية عن دولة نووية

يقول الدكتور ميلاد ممتاز استهدف الهجوم الإسرائيلي في البنية التحتية الإيرانية و التي شملت: المنشآت النووية: مثل منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، التي تُعد “القلب التقني” للبرنامج النووي، إلى جانب مواقع أخرى مثل خنداب، خرم آباد، وطهران، و المرتبطة بأبحاث الأسلحة النووية. بالإضافة لذلك تم استهداف البنية العسكرية مثل مواقع إنتاج الصواريخ، و أنظمة الدفاع الجوي، و مصانع الطائرات المسيرة، و منصات إطلاق في أصفهان وقاعدة الإمام علي، و ذلك بهدف إضعاف قدرة إيران على الرد. بالإضافة لذلك استهدفت إسرائيل تصفية قادة الحرس الثوري، و علماء نوويين، وشخصيات بارزة لخلق فوضى في القيادة.

 

حجم الخسائر

ويضيف ممتاز شهدت نطنز دماراً كبيراً في منشآت التخصيب فوق الأرض ومخازن أجهزة الطرد المركزي. كما تضررت مواقع إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة في أصفهان، لكن التباعد الجغرافي للمنشآت النووية قلل من التدمير الشامل لقدرات إيران النووية.

مدى تضرر المشروع النووي الإيراني

يقول الدكتور ممتاز منسي ألحقت الضربات أضراراً كبيرة ولكن لم تأتي بالكامل علي البرنامج النووي. منشآت نطنز فوق الأرض و المسؤولة عن تخصيب اليورانيوم، تعرضت لدمار شديد، مع تدمير أجهزة الطرد المركزي ومنشأت التخصيب . لكن المنشآت تحت الأرض في نطنز وفوردو، و المصممة لتحمل الضربات، ربما لم تتضرر إلا بشكل محدود، مما يعني أن الضربات أخرت البرنامج ولكن لم توقفه بالكامل .التأثير على الجدول الزمني: و اعتقد أن الضربات قد تؤخر طموحات إيران النووية من أشهر إلى بضع سنوات، مع الأخذ في الإعتبار ان أجهزة الطرد المتقدمة والمواقع غير المعلنة قد تخفف من التأثير طويل الأمد.

لماذا الضربات في غير نطنز وبوشهر ؟

رغم أهمية نطنز تخصيب اليورانيوم وبوشهر مفاعل نووي استهدفت إسرائيل مواقع أخرى لتعطيل البرنامج النووي الإيراني الأوسع. فمواقع مثل خنداب، خرم آباد، وطهران طُولب تركز بشكل أساسي علي الأبحاث النووية أو إنتاج أجهزة طرد مركزي، أو تخزين اليورانيوم. و بالتالي فهذه المواقع تكمل دور نطنز في التسلح. بالإضافة لذلك فاستهداف مصانع الصواريخ

و إنتاج الطائرات المسيرة، وأنظمة الدفاع الجوي (مثل أصفهان) يهدف إلى إضعاف قدرة إيران على الرد أو حماية المنشآت النووية.

ردة الفعل الإيرانية المتوقعة

واكد منسي ان إيران تواجة ضغوطاً للرد لاستعادة زمام الردع ومصداقيتها داخلياً، لكن الرد القوي قد يستدعي استجابة إسرائيلية أو أمريكية .

سيناريوهات الرد المحتملة

الحرب بالوكالة: من المتوقع أن تستخدم إيران أذرعها المختلفة مثل الميليشيات العراقية، حزب الله أو الحوثيين في اليمن للقيام بهجمات مباشرة أو غير مباشرة على أهداف إسرائيلية أو أمريكية، و ذلك لتقليل التصعيد المباشر.

ضربات مباشرة محدودة: قد تشن إيران هجمات محدودة بطائرات مسيرة أو صواريخ على أهداف عسكرية إسرائيلية، مشابهة لـ”عملية الوعد الصادق” في أبريل 2024، لإظهار القدرة دون الدخول في حرب شاملة.

الحرب السيبرانية: قد تلجأ طهران إلى هجمات سيبرانية على بنية تحتية إسرائيلية (مثل شبكات الكهرباء، الأنظمة المالية)، كخيار منخفض المخاطر وعالي التأثير

المناورة الدبلوماسية: قد تعلق إيران المفاوضات النووية، تسرع التخصيب، أو تهدد ببناء منشأة تخصيب ثالثة للضغط على الغرب، مع تجنب الانزلاق في مواجهة عسكرية واسعة.

موقف القواعد الأمريكية من الإعداد للضربة

وحول موقف الولايات المتحدة الأمريكية  يقول تشير تسريبات إسرائيلية وأمريكية إلى إبلاغ واشنطن بالضربة وتنسيقها عن كثب، رغم النفي الرسمي مما يوحي بموافقة أمريكية ضمنية و ذلك للضغط دبلوماسياً على وطهران. من ناحية أخري القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط في حالة تأهب قصوى، كما انها اتخذت تدابير احترازية مثل إجلاء موظفي السفارات غير الأساسيين وعائلات العسكريين من بعض القواعد، من المرجح تقديم تلك القواعد الأمريكية دعماً لوجستياً أو استخباراتياً، رغم عدم تأكيد مشاركة مباشرة في الضربات. و من الواضح إن واشنطن تريد استخدام الضربة لتعزيز نفوذها التفاوضي مع إيران، مع تجنب التورط في صراع أوسع،

ويوكد الدكتور ممتاز منسي ان حجم الخسائر كبير نسبياً بالرغم من تقارير استخباراتية عن ضربة متوقعة، لماذا خسائر كبيرة رغم التحذيرات؟

ثغرات استخباراتية: توقعت إيران ضربة (مثلاً بعد هجومها الصاروخي في أكتوبر 2024)، لكن حملة خداع إسرائيلية—بتسريب توترات أمريكية-إسرائيلية وتقليل نية التصعيد—ضللت طهران حول التوقيت والحجم.

فشل الدفاعات الجوية: عُطلت أنظمة S-300 والرادارات الإيرانية في الموجة الأولى من الهجوم، مما كشف المواقع النووية والعسكرية. لم تترجم المعلومات المسبقة عن الضربة إلى إجراءات دفاعية فعالة.

الدقة والنطاق: تفوق نطاق الهجوم (أكثر من 200 طائرة، موجات متعددة) ودقته على دفاعات إيران. بالإضافة لذلك فإن استهداف القيادات إلى جانب البنية التحتية زاد من التأثير، حيث قلل ذلك من قدرة إيران علي الاستجابة بشكل فعال للضربة التي وجهت إليها.

أبعاد ردة الفعل المرتقبة من جماعة الحوثي الموالية لإيران

يقول يعد الحوثيون، كجزء من “محور المقاومة” الإيراني، أحد أذرع إيران الرئيسية في المنطقة و الذي لديهم القدرة على استهداف أهداف إقليمية بطائرات مسيرة وصواريخ وأسلحة بحرية إيرانية. علي الارجح سيتناسب ردهم مع الاستراتيجية الإيران الأوسع للرد.

ردود الفعل المتوقعة:

الهجمات البحرية: قد يصعد الحوثيون هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر، مستهدفين سفناً مرتبطة بإسرائيل أو قطع بحرية أمريكية، و ذلك كما حدث في عمليات مرتبطة بغزة. إذ أن صواريخهم المضادة للسفن تشكل تهديداً لطرق التجارة العالمية.

ضربات بطائرات مسيرة/صواريخ: هجمات محدودة على أهداف داخل إسرائيل مثل القواعد و المنشأ العسكرية أو البنية التحتية و المطارات المدنية.

– هل ما أشيع عن إسراع إيران في تخصيب اليورانيوم مؤخرا وقرب امتلاكها لرؤوس حربية هو ما عجل بالضربة الحالية؟

تشير التقارير الأخيرة إلى أن إيران تسرّع من وتيرة تخصيب اليورانيوم وربما تقترب من القدرة على صنع أسلحة نووية، مما يثير المخاوف بشأن العواقب الجيوسياسية وتورط دول خارجية. ويعتقد المنتقدون أن هذه التطورات قد تكون سببا في توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية مؤخرا، ربما تشارك فيها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وترى إسرائيل أن تحركاتها ضرورية للدفاع عن النفس ضد التهديدات. تشير التقارير إلى أن إيران قد خصبت اليورانيوم بنسبة أعلى من 60%، مما يقلل من الإطار الزمني للوصول إلى مواد تصلح لصنع الأسلحة، مما يزيد من التوترات الإقليمية ويثير المخاوف من حدوث أزمة نووية.

– معظم المستهدف مبان بها مدنيون وليس منشآت عسكرية.. هل هي ضربة لعلماء المفاعل الإيراني؟ وهل هناك وجه الشبه بين الضربة الايرانية وضربة (البيجر) على عناصر حزب الله اللبناني في سبتمبر الماضي؟

وقد أثارت الهجمات الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية جدلاً بين المحللين والاستراتيجيين خاصة وأن هذه الضربات غالباً ما تصيب مبانٍ مدنية وليس أهدافاً عسكرية. وهذا يثير تساؤلات مهمة حول الأهداف والمشاركين فيها. وفي حين تُحمّل إسرائيل المسؤولية عن هذه الهجمات، فإنها تحاكي عملية مماثلة ضد حزب الله في لبنان في سبتمبر الماضي. وكلاهما ينطوي على حرب إلكترونية متقدمة وذكاء اصطناعي، مع التركيز على تعطيل البنية التحتية والقدرات العملياتية للجماعات المعادية. على سبيل المثال، يعد استخدام الذكاء الاصطناعي لاستهداف العلماء النوويين الإيرانيين جزءًا من توجه أوسع نحو الحرب غير المتكافئة، مع إعطاء الأولوية للأصول الرئيسية على الاشتباك العسكري التقليدي.

إن حقيقة أن أكثر من 70% من المواقع المتضررة في إيران كانت مواقع مدنية توضح الحسابات الاستراتيجية الكامنة وراء هذه الإجراءات، مما يضعف القدرات ويبعث برسالة مهمة في الوقت نفسه. أما في لبنان، فقد تعقبت الخوارزميات المتقدمة خطوط إمداد حزب الله، في حين عطلت الهجمات الإلكترونية اتصالاته. يسلط ارتفاع نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، والتي تجاوزت 40% في السنوات الخمس الماضية، الضوء على التحول نحو الحرب القائمة على التكنولوجيا. ومع ذلك، فإن هذا يثير مخاوف أخلاقية، حيث تصبح الخطوط الفاصلة بين الأهداف العسكرية والمدنية غير واضحة، مما قد يضع سوابق خطيرة للصراع في المستقبل.

– أبرز الشخصيات الإيرانية التي تم استهدافها وعلاقتها بالمشروع النووي؟ وما هو دور المخابرات الأمريكية في تحديد نوعية ودقة الضربات؟

في يونيو 2025، استهدف هجوم استهدف شخصيات إيرانية بارزة مرتبطة بالبرنامج النووي للبلاد، مما يسلط الضوء على مزيج من الجغرافيا السياسية والاستراتيجية العسكرية في المنطقة. كان من بين الذين تعرضوا للهجوم الدكتور علي أكبر أحمدي، وهو فيزيائي شارك في تطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، والجنرال حسين سلامي، القيادي في الحرس الثوري الإسلامي. وقد لعب هؤلاء الأفراد أدوارًا حاسمة في القدرات النووية الإيرانية، لا سيما في تخصيب اليورانيوم وأنظمة إيصال الصواريخ. وقد أظهرت الضربات، التي تم تنفيذها باستخدام طائرات بدون طيار وهجمات إلكترونية، قدرة الاستخبارات الأمريكية على تحديد مواقع هذه الشخصيات وتحييدها.

كانت وكالات الاستخبارات الأمريكية مثل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ووكالة الأمن القومي تراقب عن كثب أنشطة إيران النووية، مستخدمةً أساليب مختلفة لجمع المعلومات الحيوية. ساعدت هذه المعلومات الاستخباراتية في تحديد نقاط الضعف الرئيسية في الشبكة النووية الإيرانية، بما في ذلك المساهمات المحددة للدكتور أحمدي والجنرال سلامي. ونتيجة لذلك، تمكنت الولايات المتحدة من توجيه ضربات دقيقة أدت إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير وتأخير الجدول الزمني لتطويره.

– غياب الدفاعات الجوية عن دولة نووية مثل إيران .. هل هذا عسكريا مقبول؟ تعليق مجلس التعاون الخليجي على الضربة؟

يثير عدم وجود دفاعات جوية قوية في إيران، على الرغم من استعدادها للرد عسكريًا، مخاوف بشأن الحرب الحديثة والاستراتيجيات العسكرية. على الرغم من أن إيران استثمرت في الدفاع الجوي، إلا أن صعود الحرب السيبرانية والذكاء الاصطناعي والاتصالات المتقدمة يشير إلى أن الاعتماد فقط على الدفاعات التقليدية لا يكفي للأمن القومي. تُظهر ردود إيران العسكرية، مثل الضربات التي نفذتها في 13 يونيو 2025، قدراتها، لكنها تكشف أيضًا عن نقاط الضعف المتعلقة بالتهديدات السيبرانية التي يمكن أن تعرض البنية التحتية النووية والردع النووي للخطر. يمكن للهجمات السيبرانية أن تعطل الأنظمة الحيوية، وغياب استراتيجية دفاعية سيبرانية قوية يجعل إيران عرضة لهذه التحديات. هذه الفجوة الاستراتيجية مثيرة للقلق لأنها تسمح للخصوم بتجاوز الدفاعات التقليدية، خاصة مع التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يؤدي إلى أسلحة ذاتية التشغيل. قد يتصدى تركيز إيران على الرد الانتقامي للتهديدات الفورية، لكنه لا يسد الثغرات طويلة المدى التي يمكن أن يستغلها الأعداء البارعون في مجال التكنولوجيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى