محافظ قنا: الزيادة السكانية تهدد التنمية.. وإجراءات شاملة لضبط النمو وتحسين الخصائص البشرية
قنا – بهاء عمران
ترأس الدكتور خالد عبدالحليم، محافظ قنا، الاجتماع الدوري للمجلس الإقليمي للسكان لمناقشة الوضع الراهن للمؤشرات السكانية بالمحافظة، واستعراض الجهود المبذولة لمواجهة التحديات السكانية والحد من معدلات النمو غير المخطط. يأتي ذلك تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية التي تضع القضية السكانية في صدارة أولوياتها كأحد أبرز التحديات التي تواجه جهود التنمية المستدامة.
تحديات الزيادة السكانية وأثرها على التنمية
أكد محافظ قنا أن الزيادة السكانية تمثل تحديًا رئيسيًا يعيق جهود التنمية، لما لها من آثار مباشرة على معدلات النمو الاقتصادي، وتوزيع الخدمات، وكفاءة الإنفاق العام. وأشار إلى أن التزايد المستمر في أعداد السكان يؤدي إلى اختلال التوازن بين الموارد المتاحة وعدد السكان، مما ينعكس سلبًا على نصيب الفرد من خدمات التعليم، والصحة، والإسكان، والمرافق، ويزيد من حجم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.
نهج متكامل لتحسين الخصائص السكانية
شدد الدكتور عبدالحليم على أهمية تبني نهج متكامل يرتكز على تحسين الخصائص السكانية، وليس فقط خفض معدلات الإنجاب. ويتم ذلك من خلال تنفيذ حملات توعية موسعة للتعريف بمخاطر النمو السكاني، وتكثيف الندوات الإرشادية المعنية بصحة الأم والطفل، بما يسهم في إعداد أجيال صحية قادرة على المشاركة الفاعلة في عملية البناء والتنمية.
مؤشرات الأداء السكاني في قنا والخطط المستقبلية
استعرضت الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان لشؤون السكان وتنمية الأسرة، مؤشرات الأداء السكاني في محافظة قنا، موضحة أن عدد سكان المحافظة بلغ 3 ملايين و674 ألفًا و412 نسمة. وأضافت أن معدل الإنجاب الكلي بالمحافظة بلغ 3.09 وفقًا لمسح الأسرة المصرية لعام 2023/2024، في حين تستهدف الدولة خفض هذا المعدل إلى 2.1 مولود لكل سيدة بحلول عام 2027.
أكدت الدكتورة الألفي أن خفض معدلات الحمل غير المخطط يعد أحد أبرز أهداف تنفيذ الخطة العاجلة للسكان والتنمية، مشيرة إلى أن 20% من عدد المواليد في مصر ناتج عن حمل غير مخطط له. وأوضحت أن معالجة هذا الأمر من خلال القضاء على الحاجات غير الملباة لخدمات تنظيم الأسرة سيساهم في خفض عدد المواليد سنويًا بحوالي 400 ألف مولود على مستوى الجمهورية.
كما أشارت إلى توفير كافة وسائل تنظيم الأسرة مجانًا، لكن هناك فجوة في توصيل الخدمة حيث تعاني 60% من المناطق من نقص في التغطية الطبية لخدمات تنظيم الأسرة. وشددت على أهمية التحول إلى استخدام الوسائل طويلة المدى مثل اللولب النحاسي، ودعت إلى تدريب متدربين لتنفيذ برنامج مشاركة المهام لتقديم خدمات تنظيم الأسرة لسد العجز في وحدات الرعاية الأولية.
أهداف الخطة العاجلة والقضاء على الآفات المجتمعية
تهدف الخطة العاجلة أيضًا إلى القضاء على الآفات المجتمعية مثل زواج الأطفال وعمالة الأطفال، وخفض معدلات الأمية، والقضاء على سوء التغذية بين الأطفال، وتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، والحد من التسرب من التعليم.
شراكة مجتمعية وتقييم دوري
اختتمت الدكتورة الألفي كلمتها بالتأكيد على أن النجاح السكاني يتطلب تركيزًا محليًا، مشيرة إلى ضرورة العمل وفق خصوصية كل منطقة. وأكدت أن التقدم يتحقق فقط عبر الشراكة والتكامل بين الحكومة، والمجتمع المدني، والمؤسسات الدينية، في إطار خطة عاجلة تمتد لثلاث سنوات. كما دعت إلى إجراء تقييمات كل 100 يوم لقياس مدى التقدم، معلنة انطلاق المرحلة الثانية من الخطة العاجلة من مايو حتى يوليو، مع التركيز على تحسين مراكز الرعاية الأولية، وتوسيع خدمات تنمية الأسرة، وإشراك المواطنين في عمليات التقييم والتحسين الذاتي.
ملف استراتيجي وأمن قومي
في ختام الاجتماع، أكد محافظ قنا أن القضية السكانية تمس الأمن القومي والفكري، وتتطلب جهودًا منسقة وجادة على كافة المستويات. ودعا إلى ضرورة تحسين المؤشرات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وتكثيف حملات التوعية، وتعزيز برامج تنظيم الأسرة، بما يضمن تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع. مؤكدًا أن الدولة تولي اهتمامًا بالغًا بهذا الملف الاستراتيجي، وتسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي، بما يضمن مستقبلًا أكثر استدامة للأجيال القادمة.