أخبار

البحوث الإسلامية: حماية البيئة واجب ديني لمواجهة التصحر والجفاف

كتب:مصطفى على

في مناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، الذي يوافق السابع عشر من يونيو كل عام، شدد مجمع البحوث الإسلامية على أن رعاية البيئة والمحافظة على مواردها الطبيعية ليست مجرد اختيار فردي أو توجّه مؤسسي، بل هي واجب شرعي وإنساني أصيل، تؤيده النصوص القرآنية والسنّة النبوية وتعضّده القيم الإنسانية العالمية.

وأكد المجمع أن الإسلام دعا منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا إلى عمارة الأرض وعدم الإفساد فيها، واعتبر الأرض نعمة إلهية ومسؤولية جماعية تقع على عاتق جميع البشر، داعيًا إلى التفاعل الإيجابي مع البيئة وإصلاحها بدلًا من تخريبها أو استنزاف خيراتها.

نهي قرآني وتحذير نبوي: لا للإفساد في الأرض

وفي سياقٍ متصل، أشار المجمع إلى أن الفساد البيئي والتعدي على التوازن الطبيعي يدخلان في نطاق الإفساد في الأرض الذي نهى الله عنه في قوله تعالى:

﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾

موضحًا أن هذا النهي القرآني يشمل أشكال الإهمال البيئي كافة، سواء تمثلت في إزالة الغابات، أو تلوث المياه، أو تآكل التربة، أو حتى في الاستخدام غير الرشيد للموارد.
وأكد المجمع أن الشريعة الإسلامية لم تكتفِ بالنهي فقط، بل قدّمت رؤية عملية لحماية الأرض، فأمرت بإحياء الأراضي الميتة، وشجعت على الزراعة واستصلاح الصحارى، واعتبرت تلك الأعمال من البرّ والصدقة الجارية.

وفي هذا السياق، استشهد المجمع بحديث النبي ﷺ:

«إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها»
في دلالةٍ واضحة على أن العمل البيئي الصالح لا يسقط حتى في أشد لحظات النهاية الكونية.

التصحر والجفاف: خطر يهدد الأمن الغذائي والمجتمعي

أوضح مجمع البحوث الإسلامية أن ظاهرتي التصحر والجفاف تمثلان تهديدًا مباشرًا للاستقرار الغذائي والاجتماعي، لا سيما في المجتمعات الزراعية التي تعتمد على التربة والغطاء النباتي والمياه كمصادر رئيسية للحياة والاقتصاد.

وحذر المجمع من أن استمرار التعديات على البيئة من شأنه أن يهدد حياة الأجيال المقبلة، ويقوّض الأمن المائي والغذائي، مؤكدًا أن الإسلام يربط ربطًا وثيقًا بين العبادة والسلوك البيئي، فترشيد استهلاك المياه، واحترام النعمة، وعدم إهدارها، كلها مظاهر للامتثال الديني، كما أن العمل على وقف زحف التصحر يدخل ضمن العمل الصالح الذي يُثاب عليه المسلم.

ترسيخ الوعي البيئي من منابر الدين والتعليم

ودعا المجمع إلى تفعيل دور المنابر الدينية والمؤسسات الإعلامية والتعليمية في تعزيز الوعي البيئي، وتثقيف المجتمع حول أهمية حماية الموارد الطبيعية بوصفها أمانة يجب صيانتها.
وأكد أن الوعي ليس مجرد معرفة، بل سلوك يجب أن يظهر في تفاصيل الحياة اليومية، من نظافة الأماكن العامة، إلى زراعة الأشجار، مرورا بترشيد استهلاك الطاقة والمياه.

كما شدد المجمع على ضرورة التعاون والشراكة بين المؤسسات الدينية والتعليمية والمجتمعية، من أجل بناء وعي جمعي يُدرك حجم المسؤولية ويعمل على ترسيخ مفهوم البيئة كقيمة دينية وأخلاقية وإنسانية.

مسؤوليتنا تجاه المستقبل: بيئة آمنة لأجيالنا

اختتم مجمع البحوث الإسلامية بيانه بمناشدة لجميع فئات المجتمع للعمل يدًا بيد لحماية كوكب الأرض من التدهور، معتبرًا أن مسؤولية الحفاظ على البيئة ليست ترفًا فكريًا أو شأنًا نخبويًا، بل هي ضرورة شرعية وواقعية تضمن الحفاظ على الحاضر وصيانة المستقبل، داعيًا كل فرد إلى أن يكون جزءًا من الحل لا سببًا في استمرار الأزمة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى