الرئيسيةتقارير-و-تحقيقاتعرب-وعالم

المفاجأة الإسرائيلية تترنح أمام مرونة القيادة الإيرانية الجديدة.. من يحسم المعركة؟

أحمد سلطان لـ"اليوم": إسرائيل استنزفت مفاجأتها الأولى.. وإيران تباغت بمرونة عملياتية غير مسبوقة

تقرير: سمر صفي الدين

مع دخول المواجهة بين إسرائيل وإيران يومها الثالث، تتزايد المؤشرات على أن الصراع بين الطرفين تجاوز الحسابات التقليدية. متحولًا إلى معركة معقّدة تجمع بين حرب الظل، وضربات مفتوحة، واستعراض إرادات إقليمية على المسرح الدولي.

ويقدم الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية، أحمد سلطان، قراءة معمقة لهذه التطورات، معتبرًا أن “الطرفين لا يسعيان إلى حرب طويلة. لكنهما منخرطان في صراع تكتيكي حاد هدفه صياغة توازن جديد في المنطقة”.

مفاجأة إسرائيلية مركبة

يرى سلطان أن الضربة الإسرائيلية الأولى، والتي استهدفت خلالها معظم قادة سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني، مثلت “مفاجأة استراتيجية مركبة”، إذ اعتمدت تل أبيب على مزيج من الأدوات العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية المتطورة. ويقولفي تصريح خاص لـ”اليوم”: “إسرائيل دمجت بين الاستخبارات النموذجية، وتكنولوجيا الأسلحة الدقيقة، والذكاء الاصطناعي، ونجحت في إحداث ثغرات مهمة في المنظومة الإيرانية، خصوصًا في مجال القيادة والسيطرة”.

اقرأ أيضًا:: ليلة سقوط طهران.. كيف استدرجت إسرائيل قادة الحرس الثوري إلى فخ تحت الأرض؟

ويشير إلى أن مجموعات تخريب إسرائيلية – تابعة للاستخبارات الخارجية (الموساد) والاستخبارات العسكرية – لا تزال تعمل في العمق الإيراني، مستهدفة الاغتيالات وتعطيل الدفاعات الجوية، في محاولة لـ”شل قدرة طهران على الردع الكامل”، على حد تعبيره.

ومع ذلك، يضع سلطان سقفًا واقعيًا لهذه النجاحات، مؤكدًا: “تل أبيب قدمت أفضل ما لديها حتى الآن، ومع انقشاع غبار الضربة الأولى يتضح أن ما سيأتي قد يكون أقل زخمًا، رغم وجود بنك أهداف قيد التنفيذ”.

أسطورة إسرائيل عن التفوق الجوي المطلق

يُحذر سلطان من الانسياق وراء “الرواية الإسرائيلية التي تروّج لحرية عمل جوية فوق الأراضي الإيرانية”.

ويوضح: “صحيح أن هناك ثغرات في الدفاعات الجوية الإيرانية، لكنها لم تُخمد بالكامل. المقاتلات غير الشبحية مثل F-15 وF-16 لا يمكنها التحليق بحرية فوق طهران. وحتى الـF-35 الشبحية ليست بمأمن مطلق، وقد تُستهدف في حال تكرار العمليات، كما كاد أن يحدث للطائرات الأمريكية فوق اليمن في مواجهة الحوثيين”.

ويرى الباحث أن إسرائيل ستعتمد أكثر على الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة لضرب أهداف داخل إيران، كما حصل في استهداف مطار مشهد.

العين بالعين.. جرأة إيرانية غير مسبوقة

من الجانب الإيراني، يشير سلطان إلى أن طهران استطاعت تجاوز الصدمة الأولى بسرعة، رغم فقدان بعض قادة الصف الأول.

ويقول: “القيادة الإيرانية أظهرت مرونة مذهلة في استعادة السيطرة. أطلقت موجات متتالية من الصواريخ والمسيرات، وتمكن بعضها من اختراق شبكة الدفاع الجوي الإسرائيلي المعقّدة، التي تضم عدة منظومات متطورة”.

ويفترض الباحث أن الموجة الثالثة من الهجمات الإيرانية كانت الأنجح، مرجعًا ذلك إلى عاملين:

  • الأول: هو استخدام صواريخ فرط صوتية “هايبر سونيك”، إلى جانب صواريخ باليستية تقليدية.
  • الثاني: احتمال إصابة بعض بطاريات الدفاع الجوي الإسرائيلية في الضربات السابقة.

التعتيم الإسرائيلي

يلفت سلطان إلى أن إسرائيل تتعمّد تسليط الضوء إعلاميًا على الأضرار في الأحياء المدنية، مقابل تعتيم كامل على الخسائر العسكرية، بما في ذلك الأهداف الحيوية تحت الأرض.

ويتابع: “منشآت مثل ‘حصن صهيون’، أكبر مركز قيادة عملياتي في تل أبيب، تقع تحت أحياء سكنية، وقد تكون استُهدفت جزئيًا دون أن نعرف، لأن الرقيب العسكري الإسرائيلي يحجب كل شيء”.

ويضيف أن طهران وسعت نطاق الرد، مستهدفة منشآت نوعية مثل مصفاة حيفا، ومعهد وايزمان، ومقرات قرب وزارة الدفاع الإسرائيلية، وسط حالة من التكتم الإسرائيلي.

قيادة جديدة.. وعقلية جديدة

يربط سلطان بين تطور الأداء الإيراني وتغير في القيادة داخل الحرس الثوري، قائلاً:  “نحن أمام نخبة جديدة، تتولى العمليات ضد إسرائيل، ولا يبدو أنها تتقيد بالقيود التي حكمت سلوك القيادات السابقة. هذا تحول مهم، وقد يفسر تزايد الجرأة في اختيار الأهداف وسرعة الرد”.

ويؤكد سلطان أن الحرب الحالية ما زالت محدودة، لكنها تمثل “صراعًا على السردية”، حيث يسعى كل طرف إلى إظهار السيطرة والتفوق، حتى وإن لم يعلن ذلك صراحة.

وزاد بالقول: “لا إيران تريد حربًا مفتوحة، ولا إسرائيل كذلك. لكن الطرفين يحاولان استنفاد أدوات الضغط الممكنة قبل الدخول في تسوية، أو فرض شروطهما على الطاولة”.

ويختم سلطان قائلاً: “الولايات المتحدة – مدعومة من بعض العواصم الإقليمية – تضغط الآن من أجل احتواء التصعيد. لكن لا حل سياسي حقيقي سيظهر قبل أن تنتهي هذه الجولة العسكرية وتحقق أهدافها جزئيًا على الأقل. الأيام والأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد المدى الذي سيصل إليه هذا التصعيد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى