عرب-وعالم

ندوب لا تُرى.. أطفال غزة يواجهون المجاعة 

في قلب الدمار وتحت وطأة القصف المستمر، يعيش أطفال غزة مأساةً صامتة لا يلتفت إليها كثيرون، فبينما تتجه الأنظار إلى أروقة السياسة والمعارك العسكرية، يعاني آلاف الأطفال من جوع ينهش أجسادهم الهزيلة، وفقر في الغذاء يُهدد حياتهم ويقوّض نموهم الطبيعي.

ويتكدس الأطفال في المستشفيات بلا دواء كافٍ ولا غذاء ملائم، لترسم الهياكل العظمية لأطفال في عمر الزهور مشهدًا صادمًا لأزمة إنسانية متفاقمة، حيث تحوّلت الطفولة إلى معركة يومية من أجل البقاء، وبرزت المجاعة كسلاح صامت أشد فتكًا من الرصاص.

اغتيال الطفولة

تشير تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن واحدًا من كل ثلاثة أطفال دون سن الثانية في شمال غزة يعاني من سوء تغذية حاد، مع تفشي أمراض مثل الإسهال الحاد، نتيجة لتدهور خدمات المياه والصرف الصحي، وأفادت منظمة “أنقذوا الأطفال” بأن أكثر من 17,818 طفلًا قد قُتلوا منذ أكتوبر 2023، بينما يتعرض آلاف الأطفال الآخرين لخطر المجاعة وسوء التغذية .

والخطر الكارثي كان في منع الاحتلال التطعيمات عن القطاع، حيث يقول الدكتور “أحمد الفرا”- رئيس قسم الأطفال والولادة بمجمع ناصر الطبي في خانيونس- في تصريحات خاصة لجريدة “اليوم”: “في ظل الحصار الإسرائيلي المطبق على القطاع، توقف دخول الكثير من التطعيمات، من بينهما تطعيمي شلل الأطفال والروتافيروس- المسؤول عن مكافحة الإسهال، فأضحى أطفال القطاع أكثر عرضة للإسهال والنزلات المعوية، حيث تعج مستشفى ناصر بحالات الأطفال المصابين بالنزلة المعوية”.

تأثيرات صحية مستقبلية

يحذر خبراء الصحة من أن سوء التغذية في مرحلة الطفولة المبكرة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة، مثل التقزم والهزال، بالإضافة إلى ضعف الجهاز المناعي وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية، كما أن نقص العناصر الغذائية الأساسية، مثل الحديد واليود، يؤثر سلبًا على نمو الدماغ والقدرات المعرفية للأطفال، مما يؤدي إلى صعوبات في التعلم واضطرابات نفسية .

وفي هذا الصدد يقول “الفرا”: “الأطفال المصابون بسوء التغذية سيعانون من مشكلات في المستقبل، ليس لها حل وإن توفرت لهم المواد الغذائية، لاسيما في حالة الطفل الخداج، الذي سيعاني مستقبلًا من مشكلات في التركيز والفهم، وبالمثل طفل سوء التغذية، وكذلك ستصل المشكلات للقدرة على الكلام والتعبير والاختلاط مع المحيط، والتحصيل الدراسي والكتابة والتعبير الدراسي، وكلها مشكلات ستبقى معه دون حل، وبالتالي يستهدف الاحتلال جيل كامل وإعدامه بمنع الغداء عنه”.

ندوب نفسية عميقة

لا تقتصر آثار الأزمة في غزة على الجوع والمرض فقط، بل تمتد لتطال الصحة النفسية للأطفال، الذين يعيشون يوميًا تحت وقع الخوف والصدمة.

فالمشاهد العنيفة، فقدان الأحبة، والحرمان من أبسط مقومات الحياة، تترك جروحًا عميقة في نفوسهم الغضّة.
ويشير أخصائيون نفسيون إلى أن كثيرًا من الأطفال في غزة يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة مثل:

  • القلق المستمر
  • الكوابيس
  • نوبات الذعر
  • الانطواء الاجتماعي

ومع غياب الدعم النفسي الكافي، تتفاقم هذه الأعراض، ما قد يؤدي إلى مشكلات سلوكية طويلة الأمد، تؤثر على مستقبلهم وقدرتهم على الاندماج في المجتمع لاحقًا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى