“مادلين” تشق البحر من أجل غزة.. وإسرائيل تستنفر
هل ستصل "مادلين" إلى وجهتها بسلام، مستلهمة صمود "مادلين" غزة، أم أنها ستواجه مصير سفينة "الضمير"؟ العالم يترقب.
في خطوة جريئة ومحفوفة بالمخاطر، انطلقت سفينة “مادلين”، التابعة لتحالف “أسطول الحرية”، من ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية جنوب إيطاليا، في رحلة إنسانية تهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
شكل اسم “مادلين” هنا رمزاً لروح الصمود والتحدي التي يجسدها أهل غزة، مستلهمة من قصة الشابة الفلسطينية مادلين كُلاّب. وتعد أول صيادة أسماك في القطاع، التي اخترقت التقاليد والأعراف لتشق طريقها في مهنة ظلت حكراً على الذكور.
وتحمل السفينة على متنها 12 ناشطًا من جنسيات مختلفة، بينهم شخصيات بارزة مثل الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، والممثل الأيرلندي الشهير ليام كونينغهام، والبرلمانية الأوروبية ريما حسن.

من مادلين الصيادة إلى سفينة الحرية
نوفمبر 2015؛ قصة مادلين كُلاّب (19 عامًا)، التي بدأت رحلات الصيد مع والدها في عرض بحر غزة منذ أن كانت طفلة في السادسة، تعكس واقع الحياة في القطاع المحاصر.
كان البحر بالنسبة لها، كما هو للعديد من الفلسطينيين، نافذة مهمة في ظل الحصار المفروض منذ عام 2006.
قالت مادلين الصيادة: “في الوضع الطبيعي، يمكننا أن ندخل فقط إلى عمق 6 أميال داخل البحر، لكن في ظل الحصار الإسرائيلي فإنه من الصعب الدخول إلى هذا العمق. ويقتصر صيدنا على المنطقة القريبة من الشاطئ الخالية تقريباً من الأسماك.”
وسعت مادلين من وراء دخولها هذه المهنة إلى تحصيل لقمة العيش لعائلتها وتدبير الأموال اللازمة لعلاج والدها المريض.
وأكدت: “إذا تمكنا من الإبحار إلى عمق بحر غزة دون عوائق. يمكننا اصطياد الكثير من السمك، بل يمكننا حتى تصدير الفائض منه إلى بلدان أخرى.”
بهذه الروح، تحمل سفينة “مادلين” اسمها، لتكون تجسيداً للإصرار على الوصول إلى غزة رغم كل القيود.
تحدٍ مباشر للحصار
تهدف رحلة “مادلين” إلى إيصال شحنة رمزية من المساعدات الإنسانية، تشمل مسحوق الحليب، الإمدادات الطبية، والمواد الحيوية الأخرى التي تبرع بها المئات من سكان كاتانيا.
وأكد تحالف “أسطول الحرية” أن هذه الرحلة سلمية بالكامل، غير مسلحة، وتتماشى مع القانون الدولي. وشدد على أن أي تدخل أو هجوم ضد السفينة سيُعد عملًا متعمدًا وغير قانوني ضد مدنيين.
وصرحت الناشطة غريتا ثونبرغ قبل انطلاق السفينة، من الميناء الإيطالي: “نحن في مهمة مدنية تهدف إلى كسر الحصار عن غزة بشكل رمزي”
وأضافت: إذا بقيت ذرة واحدة من الإنسانية، فعلينا أن نناضل من أجل فلسطين، من أجل فلسطين حرة. أنا هنا لأن ذلك واجب إنساني وأخلاقي.
استنفار إسرائيلي وتحذيرات مبطنة
وتستنفر على الجانب الآخر، قوات البحرية الإسرائيلية وتستعد لمواجهة السفينة.
وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن سلاح البحرية يدرس “خيارات متعددة” للتعامل مع السفينة في حال اقترابها من شواطئ غزة. مؤكدةً استمرارها في فرض الحصار البحري الأمني على القطاع.
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي، إيفي دفرين: “نحن مستعدون لمجموعة من السيناريوهات”، دون الكشف عن تفاصيل الإجراءات المتوقعة.
هذا الاستنفار الإسرائيلي يأتي تزامناً مع مسيرة تضم نشطاء من 32 جنسية، سيتجهون سيراً على الأقدام من العريش باتجاه غزة، مما يضيف بعداً آخر للضغوط الإنسانية على الاحتلال.
سيناريو “الضمير” يلوح في الأفق
تأتي رحلة “مادلين” في ظل مخاوف جدية من تكرار حادثة سفينة “الضمير” (كونشياس- الضمير العالمي)، التابعة لتحالف أسطول الحرية. حيث تعرضت في 2 مايو الماضي لهجوم بطائرات مسيّرة إسرائيلية أثناء اقترابها من قطاع غزة.
أدى الهجوم حينها إلى ثقب في هيكل السفينة واندلاع حريق في مقدمتها، مما أثار موجة من التنديد الدولي.
ومن المتوقع أن تصل السفينة “مادلين” إلى المياه الإقليمية الفلسطينية بعد رحلة بحرية تستغرق حوالي أسبوع، وسط مخاطر أمنية حقيقية.
ولم تستبعد مصادر مطلعة اعتراضها في المياه الدولية، بالرغم من تأكيد التحالف على أن خط سير السفينة يمر عبر المياه الدولية الأوروبية ولا ينتهك أية قوانين ملاحية.
نداء إنساني وسط أزمة متفاقمة
أكدت الأمم المتحدة أن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ أسوأ مراحله منذ اندلاع حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع قبل 19 شهرًا. وذلك رغم استئناف إيصال المساعدات بكميات محدودة.
ولا تعد رحلة “مادلين” مجرد عمل خيري، بل تحركًا مباشرًا وسلميًا لتحدي الحصار غير القانوني الذي يفرضه الكيان الإسرائيلي. كما تفضح ما يصفه التحالف بـ”جرائم الحرب المتصاعدة”.
عاجل
محاولة لكسر جزء من الحصار على قطاع غزةانطلقت اليوم سفينة “مادلين” من جنوب إيطاليا نحو غزة وعلى متنها ١٢ متطوع، وتحمل مساعدات انسانية عاجلة من أدوية وحليب اطفال وغيرها
من المتوقع أن تصل بعد اسبوع من الآن اذا لم تتعرض لجريمة اسرائيلية
نسال الله أن تصل بسلام pic.twitter.com/jk2wQfYM82
— MO (@Abu_Salah9) June 2, 2025