تقارير-و-تحقيقات

وصايا النبوة قبل الذبح.. شحذ الشفرة بلطف وراحة الذبيحة قبل كل شيء

تقرير: أحمد فؤاد عثمان 

حين تقف الأضحية بين يدي الذابح، فإن المشهد في الشريعة الإسلامية ليس مجرد ذبحٍ لحيوان، بل هو شعيرة عظيمة تتداخل فيها مشاعر الإيمان، ومظاهر الرحمة، وسلوكيات إنسانية راقية، تُميز الإسلام في تعامله حتى مع ما يُذبح.

فالمستحب في الذبح لا يقتصر على الجانب الفني، بل يمتد ليشمل كل ما يتعلق براحة الذبيحة النفسية والبدنية، بدءًا من سوقها بلين، وحتى لحظة خروج روحها.

آلة حادة وذبح سريع.. احترامٌ للروح التي بين يديك

من أول ما تستحب الشريعة في الذبح، أن يُستخدم آلة حادة، تُسرع في إنهاء الذبح وتُريح الذبيحة من العذاب. فالإسلام لا يجيز الذبح بالأدوات الكليلة التي تؤخر الموت وتزيد الألم، بل يُنكر ذلك أشد الإنكار.

ويُستحب أن يتم الذبح بسرعة ودقة، مع قطع الأوداج الأربعة (الودجين والمرّيين)، مما يُحقق الموت السريع دون تعذيب.

شحذ الشفرة.. ولكن بعيدًا عن أعين الذبيحة

يُستحب أن تُشحذ الشفرة جيدًا قبل الذبح، لكن بعيدًا عن مكان الذبيحة. فرؤيتها للسكين قد يزرع في نفسها خوفًا يفسد طمأنينتها. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن “أن يحد أحدكم شفرته ثم يعرضها للذبيحة”، في مشهد من أبلغ مشاهد الرحمة النبوية.

الاستقبال للقبلة.. نية وقِبلة ولحظة صفاء روحي

من السنة أن يُستقبل القبلة أثناء الذبح، سواء من جهة الذابح أو من جهة موضع الذبح نفسه. وهذه ليست حركة شكلية، بل تُعبّر عن توحيد التوجه القلبي والبدني نحو الله تعالى، في لحظة تختلط فيها التضحية بالإيمان.

الإضجاع على الشق الأيسر.. في هدوء وسكون

تُضجَع الذبيحة برفق على شقها الأيسر، فلا تُرمى أو تُضرب أو تُجَر، بل يُراعى فيها الرحمة التامة. ويُستحب أن يكون الرأس موجهًا للقبلة، مع التسمية والتكبير قبل الذبح مباشرة.

الدكتور علاء الغريزي العالم الأزهري

رأي العالم الأزهري الدكتور علاء الغريزي

في حديثه لـ”موقع اليوم” أكد الدكتور علاء الغريزي، العالم الأزهري وأستاذ الفقه والشريعة الإسلامية، أن “المستحبات في الذبح ليست أمورًا شكلية، بل تجسّد روح الشريعة التي تبني السلوك الإنساني على الرحمة حتى في أصعب اللحظات، وهي لحظة إزهاق الروح. فكل مستحب شرعي وراءه حكمة تربوية، ومعنى أخلاقي، ورسالة حضارية”.

وأضاف الدكتور الغريزي أن مراعاة نفسية الحيوان قبل ذبحه، وسوقه إلى المذبح بلين، ومنع تعنيفه أو ذبحه أمام إخوانه، تُبرز أخلاقية الإسلام في أبعد صورها. وأكد أن هذه المستحبات لم تأت من فراغ، بل هي وحيٌ وهدى من رب العالمين.

نحر الإبل.. خصوصية تليق بخلقتها

الإبل لا تُذبح كما تُذبح الغنم، بل تُنحر وهي قائمة معقولة يدها اليسرى. ويكون موضع النحر في “اللبة” بين الترقوتين. وقد أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا النحر احترامًا لتكوينها الجسدي.

لا عذاب في اللحظات الأخيرة

يُستحب ألّا تُذبح الذبيحة أمام أختها، ولا تُرى آثار الدم أو السكاكين، ولا تُسمع صرخات الذبح. فالإسلام يُعلّمنا أن حتى الحيوان له مشاعر يمكن أن تتأثر، فيُمنع إرعابه أو إيذاؤه نفسيًا.

صورة أرشيفية توضح شروط الذبح

الماء قبل الذبح.. سُقيا الرحمة

من السنة عرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها، ليهدأ جسدها، ويستقر قلبها، وتُواجه الموت وهي في راحة. وهذا الفعل فيه رحمة بالجسد والروح معًا.

الإسلام.. دين الرحمة في كل تفاصيله

حين نُراجع هذه المستحبات، ندرك أن الإسلام لا ينظر إلى الذبح كعملية مادية فحسب، بل كرسالة إيمانية وأخلاقية، فيها احترام للحياة، حتى لحظة نهايتها. وكل سنة أو مستحب في الذبح، يُظهر عمق الرحمة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، نبي الرحمة للعالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى