
كتبت: فاطمة الزناتي
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾”سورة الحجر، الآية 26″، في زمنٍ يضجّ بالبلاستيك والمواد الصناعية، يعود الفخار ليُثبت أن الحكمة القديمة لا تزال تملك حلولاً صحية ذكية، بسيطة، ونابعة من الأرض.
من الطين خُلقنا، ومنه بدأت الحضارات، فكيف لا يكون فيه شفاءٌ وحياة؟
ما هو الفخار؟ ولماذا عاش آلاف السنين؟
الفخار هو فنّ تشكيل الطين وتحويله إلى أوانٍ تُستخدم في الحياة اليومية. يمتد تاريخه لأكثر من 10,000 سنة، وكان جزءًا أساسيًا من حضارات عظيمة مثل المصرية، البابلية، والصينية، حيث استُخدم في تخزين الماء والغذاء، وتحضير الأدوية، وأداء الطقوس الدينية.
في مصر القديمة، وُجدت أوانٍ فخارية في مقابر الفراعنة، وفي بلاد الرافدين كانت الزخارف الطينية تُوثق الحياة اليومية.
مزايا صحية مذهلة للفخار
الفخار والطب الحديث: كيف يخدم صحتك؟
رغم مظهره التراثي، أكدت الأبحاث الحديثة أن لاستخدام الفخار فوائد صحية حقيقية:
فلتر طبيعي:
المسام الدقيقة في الفخار تنقّي الماء من الشوائب والبكتيريا.
تبريد صحي:
الماء يُبرّد بالتبخر، ما يمنحه برودة معتدلة لا تُسبب صدمة للمعدة.
يقلل الحموضة:
ماء الفخار يساعد على تهدئة المعدة وتقليل أعراض القولون العصبي.
آمن تمامًا:
خالٍ من السموم الصناعية مثل البيزوفينول والمعادن الثقيلة.
ماء الفخار… غذاء للكلى وبلسم للمعدة
كيف يدعم صحة الأعضاء الحيوية؟
راحة للكلى والكبد:
ماء الفخار أخف على الكلى والكبد، ما يساعد على التخلص من السموم دون إجهاد.
مفيد لمرضى الكلى:
دراسة مصرية (جامعة أسيوط، 2015) أثبتت أن ماء الفخار قلّل من أعراض الإرهاق لدى مرضى الكلى.
قلوي بطبيعته:
دراسة هندية (2012) أظهرت أن الماء المُخزن في الفخار يكتسب طبيعة قلوية، تعزز المناعة وتقلل الالتهابات.
مريح للمعدة:
الماء المعتدل البرودة يهدّئ بطانة المعدة ويحسّن الهضم.
الفخار والبيئة: شريك مستدام
طبيعي 100%
لا يحتاج كهرباء
يدوم طويلاً
اقتصادي وصديق للبيئة
يحافظ على برودة الماء بطريقة طبيعية
استخدامات الفخار اليومية..أكثر من مجرد إناء ماء
في حفظ الطعام والماء:
الزير، القلة، والجرار تُخزن الماء واللبن والعصائر بشكل صحي وآمن.
في البناء:
الفخار يُستخدم في الأسقف والأرضيات لتلطيف المناخ داخل البيوت.
في تربية الحيوانات:
أوعية فخارية تحافظ على حرارة معتدلة للطعام والماء.
كزينة ثقافية:
رمز للحياة والخصوبة، ويُضفي على المنازل والحدائق طابعًا طبيعيًا أصيلًا.
آراء وتجارب حقيقية
أم مصطفى – الفيوم:
“كنت أعاني من آلام في المعدة. عدت لشرب الماء من الزير كما نصحتني جدتي، وشعرت بتحسّن كبير خلال شهر.”
د. حسام البدري – طب بديل:
“أنصح باستخدام الأواني الفخارية للطهي والشرب، فهي لا تتفاعل مع الأحماض ولا تطلق معادن سامة.”
هبة – مدونة صحية:
“جربت تحدي ماء الفخار 30 يومًا، وانتهى بتحسن بشرتي وطاقة جسدي.”
دراسة دولية (2008):
نشرت International Journal of Environmental Research نتائج تُظهر أن ماء الفخار يقلل البكتيريا بنسبة 90% دون تغيير في تركيبة الماء.
صناعة الفخار في مصر: فنّ وكنز اقتصادي
قرى مصرية تحافظ على الحرفة:
جراجوس (قنا): من أشهر القرى بصناعة الفخار الفني.
الفواخير (الفسطاط): متحف حي يحتضن عشرات الورش التقليدية.
النزلة (الفيوم): متخصصة في الفخار اليومي التقليدي.
مراحل التصنيع:
1. استخراج الطين وتنقيته
2. التشكيل يدويًا أو باستخدام الدولاب
3. التجفيف ثم الحرق
4. التزجيج أو التلوين (اختياري)
هل الفخار بلا عيوب؟.. تنبيه مهم قبل الاستخدام
هش وسهل الكسر.
يحتاج تنظيفًا دوريًا لتفادي تراكم البكتيريا.
بعض الأنواع الرديئة قد تحتوي على معادن سامة مثل الرصاص.
يجب التأكد من مصدر موثوق وخلوّه من المواد الضارة.
الطين فيه شفاء.. هل آن أوان العودة؟
في زمن تزداد فيه الأمراض المرتبطة بالتغذية والتلوث، يعود الفخار ليطرح حلاً بسيطًا… نقيًا… وطبيعيًا. ماءه قلوي، آمن، ومفيد للكلى والمعدة، وصناعته جزء من تراث يستحق أن نحافظ عليه.
الفخار ليس مجرد وعاء، بل أسلوب حياة. فهل يدخل الزير بيتك من جديد؟