عرب-وعالم

من الاغتيال إلى الانتقام..إسرائيل وإيران تدفعان الشرق الأوسط نحو الجحيم

من استنزاف بالوكالة إلى مواجهة مباشرة: الشرق الأوسط على حافة الانفجار

في تصعيد غير مسبوق، أكد مسؤولون عسكريون إيرانيون رفيعو المستوى، اليوم السبت، أن الضربات الصاروخية على إسرائيل ستستمر، ملوّحين بتوسيع نطاق الحرب لتطال القواعد الأمريكية في المنطقة، في أعقاب ليلة مشتعلة من الغارات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، هزّت أركان الشرق الأوسط.

وفي تطور بالغ الخطورة على خارطة التصعيد الإقليمي، شنت إسرائيل، يوم أمس، ضربة عسكرية مركزة وغير مسبوقة استهدفت العمق الإيراني، ما أسفر عن مقتل عدد من أبرز القادة العسكريين والعلماء النوويين، في عملية اعتُبرت ضربة موجعة ومهينة للمؤسسة العسكرية الإيرانية، طالت نخبة نوعية من القيادات والأهداف الحساسة  والتي تؤشر إلى دخول الصراع بين إيران وإسرائيل مرحلة جديدة عنوانها: كسر الإرادات.

ورداً على هذه العملية، نفّذت إيران هجوماً صاروخياً مباشراً باتجاه مواقع عسكرية إسرائيلية، في ضربة انتقامية وُصفت بأنها بداية “جولة الانتقام الكبرى”، استهدفت منشآت عسكرية وأمنية داخل إسرائيل، ما يشير إلى دخول الصراع مرحلة جديدة تتخطى الخطوط الحمراء.

ضربة موجعة للبرنامج النووي الإيراني وتحول في ميزان الردع الإقليمي

تشير طبيعة الأهداف التي طالتها الضربات الإسرائيلية، ولا سيما مقتل نخبة من كبار العلماء النوويين الإيرانيين، إلى تحول استراتيجي في طريقة إدارة الصراع بين تل أبيب وطهران. فبدلاً من الاكتفاء بضربات نوعية محدودة أو استهداف منشآت مادية، انتقلت إسرائيل نحو نهج “قطع الرأس” بضرب البنية البشرية والفكرية للبرنامج النووي الإيراني.

ويرى محللون أن مقتل شخصيات بحجم فريدون عباسي ومهدي طهرانجي يُعدّ ضربة لا تعوّض على المدى القريب، بالنظر إلى سنوات الخبرة والسرّية العالية التي تحيط بملفاتهم، مما سيؤدي إلى تراجع زخم البرنامج النووي الإيراني أو على الأقل إبطائه مؤقتًا، خاصة في ظل ارتباك هيكلي متوقع داخل المنظومة البحثية والتقنية الإيرانية.

تأتي هذه الضربة في وقت حساس للغاية بالنسبة لطهران، حيث كانت تحاول تعزيز أوراقها التفاوضية في الملف النووي، مع تزايد الضغوط الغربية لإحياء الاتفاق النووي. إلا أن مقتل أبرز علماء الذرة الذين عملوا لعقود على تطوير أجهزة الطرد المركزي والوقود النووي، يمثل نكسة استراتيجية قد تؤدي إلى تعطيل المشروع أو تجميده مؤقتًا.

كما أن هذه الضربات قد تُحدث تصدعات داخل دوائر اتخاذ القرار، مع تصاعد أصوات داخل الحرس الثوري تطالب بالرد الحاسم، مقابل تيار آخر أكثر حذرًا يرى في التصعيد تهديدًا لبقاء النظام.

في المقابل، تعزز هذه الضربة مكانة إسرائيل كلاعب عسكري متفوق في المنطقة، قادر على تنفيذ عمليات مركّبة في عمق أراضي الخصوم، وهو ما يعيد صياغة قواعد الاشتباك، ويضع إيران في موقف دفاعي رغم تهديداتها المتكررة بالرد.

غير أن هذا التصعيد يحمل في طياته خطر الانزلاق إلى مواجهة إقليمية مفتوحة، قد تشمل حزب الله في لبنان، والميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا واليمن، ما قد يُشعل جبهات متعددة في وقت واحد. وتدرك واشنطن هذا السيناريو جيدًا، مما يفسر تحركاتها العسكرية الأخيرة في المنطقة، وتحذيراتها لإيران من “الذهاب بعيدًا”.

تداعيات الضربة على توازن القوى الإقليمي

الضربة الإسرائيلية الأخيرة لا تُمثل مجرد استهداف لمواقع داخل إيران، بل ترمز إلى تحول عميق في مفهوم الردع بين تل أبيب وطهران. فإسرائيل، التي كانت تكتفي طوال السنوات الماضية بعمليات استخباراتية محدودة أو ضربات عبر الوكلاء في سوريا والعراق، انتقلت الآن إلى “ميدان الحرب الصلبة” داخل العمق الإيراني، بما يحمل في طياته رسالة حادة مفادها أن زمن الخطوط الحمراء قد انتهى.

هذا التحول قد يُجبر دولًا مثل السعودية والإمارات وتركيا على إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية، خاصة إذا انسحب التصعيد إلى الخليج. كما سيزيد من تعقيد المشهد الأمني في العراق وسوريا، حيث تتموضع القوات الأميركية والميليشيات التابعة لإيران على مسافة مواجهة مباشرة.

الاقتصاد الإيراني في مهب العاصفة

في ظل هذه التطورات، يُتوقع أن يتعرض الاقتصاد الإيراني لمزيد من الضغوط، خاصة مع احتمالية فرض عقوبات إضافية أو تعقيد مفاوضات رفع التجميد عن الأموال الإيرانية في الخارج. كما أن البيئة الاستثمارية، التي كانت الحكومة الإيرانية تسعى لإعادة تنشيطها بعد سنوات من العزلة، ستتلقى ضربة قاسية وسط المخاطر الأمنية والتخوفات من اندلاع حرب شاملة.

الهجوم المضاد: كيف فتحت إيران جبهة النار على إسرائيل؟

في تصعيد عسكري غير مسبوق، شنت إيران هجمات جوية وصاروخية واسعة النطاق ضد أهداف إسرائيلية خلال يومي 13 و14 يونيو 2025، في رد مباشر على اغتيالات نفذتها إسرائيل طالت قادة بارزين في الحرس الثوري الإيراني وعلماء بارزين في البرنامج النووي الإيراني. هذه الهجمات شكلت أول مواجهة مباشرة ومعلنة بهذا الحجم بين البلدين منذ عقود.

المرحلة الأولى: هجوم منسق بالطائرات المسيّرة والصواريخ

في صباح يوم الجمعة 13 يونيو، بدأت إيران هجومها على إسرائيل بإطلاق أكثر من 100 طائرة بدون طيار، يُعتقد أنها أُطلقت من أراضٍ إيرانية وربما من مناطق نفوذها في سوريا والعراق. كانت هذه المسيّرات بمثابة “الموجة التمهيدية” للهجوم الرئيسي، وجرى اعتراض جزء منها داخل الأجواء الأردنية والسورية من قِبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، بينما نجحت إسرائيل في إسقاط القسم الأكبر منها بواسطة الدفاعات الجوية، لا سيما منظومة “القبة الحديدية”.

في وقت لاحق من اليوم نفسه، أطلقت إيران دفعات متتالية من الصواريخ الباليستية يُقدّر عددها بما يقل عن 100 صاروخ، استهدفت بها قواعد عسكرية ومطارات ومراكز قيادة في وسط وجنوب إسرائيل. رغم أن الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية المدعومة أميركيًا اعترضت غالبية هذه الصواريخ، فإن بعضها سقط داخل المدن، محدثًا خسائر بشرية ومادية.

المرحلة الثانية: موجة إضافية ليلًا

في الساعات الأولى من فجر السبت 14 يونيو، استأنفت إيران هجماتها بإطلاق دفعة جديدة من الصواريخ، بالتزامن مع تحليق عدد محدود من الطائرات المسيرة مجددًا. وأدى هذا الهجوم إلى تفعيل صافرات الإنذار مجددًا في مدن القدس وتل أبيب وبئر السبع. وأسفر عن إصابة سبعة أشخاص، بعضهم بحالة هلع أو إصابات طفيفة، وفق بيان لوزارة الصحة الإسرائيلية.

ورغم تراجع شدة الضربات في هذه المرحلة مقارنة بالموجة الأولى، فإن التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية أشارت إلى أن إيران كانت تهدف من هذه الموجة إلى إرباك الدفاعات وإيصال رسالة بأنها قادرة على الاستمرار في التصعيد.

الطابع الاستراتيجي للهجوم الإيراني

أعلنت إيران عبر الحرس الثوري أن العملية جاءت ضمن ما سمّته “الوعد الصادق 3″، في إشارة إلى ردها على سلسلة عمليات الاغتيال الإسرائيلية. ووصفت الهجوم بأنه “جزء من معادلة ردع جديدة” تهدف إلى إفهام إسرائيل أن استهداف قياداتها ومواقعها الاستراتيجية سيقابله رد مباشر داخل الأراضي الإسرائيلية.

يؤكد هذا الهجوم تغيرًا نوعيًا في أسلوب المواجهة بين الطرفين، إذ كسرت إيران قواعد الاشتباك التقليدية التي كانت تعتمد على الحرب بالوكالة، واتجهت لأول مرة إلى المواجهة المباشرة، ما يفتح الباب أمام تطورات إقليمية خطيرة قد تشمل توسيع دائرة المواجهة لتشمل أطرافًا جديدة.

و كشف اللواء أحمد وحيدي، مستشار الحرس الثوري الإيراني، أن الهجوم الصاروخي الذي أُطلق عليه اسم “الوعد الصادق 3” استهدف ثلاث قواعد جوية رئيسية في مناطق متفرقة من إسرائيل، تحتوي على طائرات “إف-35” و”إف-15″، وطائرات للتزود بالوقود جوًا، بالإضافة إلى مراكز قيادة وحرب إلكترونية، مؤكدًا أن تلك المواقع كانت تستخدم كمنصات للهجوم على إيران.

وأوضح وحيدي أن عدد الأهداف التي تم التخطيط لضربها في العملية بلغ 150 هدفًا، مضيفًا أن المرحلة الأولى “وجهت صفعة قوية للصهاينة”، والعمليات ستستمر “طالما اقتضت الضرورة”.

وبينما دوّت صفارات الإنذار في تل أبيب والقدس، تدافعت الجماهير نحو الملاجئ، وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تفعيل منظوماته الدفاعية، لاعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

الخسائر البشرية والمادية الإسرائيلية

أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية بأن الهجمات الإيرانية أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين، بينهم امرأتان في ريشون ليتسيون ورمات غان، وإصابة ما لا يقل عن 25 شخصًا بإصابات متفاوتة. كما لحقت أضرار بعدد من المباني السكنية والمركبات، إضافة إلى تضرر بعض البنى التحتية المدنية. وُصف الهجوم بأنه الأكبر من نوعه منذ اندلاع حرب غزة في 2024، والأوسع نطاقًا منذ حرب الخليج.

الخسائر البشرية والمادية الإيرانية

وأعلنت طهران،اليوم السبت، مقتل اثنين من كبار القادة في هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني، إثر سلسلة هجمات إسرائيلية مركزة استهدفت منشآت عسكرية وعلمية حساسة داخل إيران، أسفرت عن خسائر بشرية غير مسبوقة طالت نخبة من القيادات العليا في المؤسسة العسكرية والبرنامج النووي الإيراني.

وأكدت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية مقتل كل من اللواء غلام رضا محرابي، الذي كان يتولى منصب مساعد رئيس الهيئة لشؤون الاستخبارات، واللواء مهدي رباني، مساعد رئيس الهيئة لشؤون العمليات، في الضربات التي بدأت فجر الجمعة.

قائمة طويلة من القادة القتلى

الهجوم الإسرائيلي لم يقتصر على منشآت عسكرية تقليدية، بل استهدف مراكز القيادة والسيطرة ومواقع يُعتقد أنها مرتبطة بأنشطة نووية سرية. وأكدت مصادر عسكرية وإعلامية أن الهجمات أدت إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين، بينهم:

  • اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني.
  • اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة.
  • اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر “خاتم الأنبياء” العسكري، أحد أهم مراكز التخطيط الاستراتيجي الإيراني.
  • اللواء أمير علي حاجي زادة، قائد القوة الجوفضائية بالحرس الثوري، والمسؤول عن تطوير برنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.
  • طاهر بور، قائد وحدة الطائرات المسيّرة في سلاح الجو بالحرس الثوري.
  • داود شيخيان، قائد القيادة الجوية في الحرس الثوري.
  • اللواء مهدي رباني، الذي قُتل رفقة زوجته وأطفاله في الهجوم.

هذه الضربة، وفقًا لتحليلات عسكرية، تستهدف قلب المنظومة الدفاعية والهجومية الإيرانية، وقد تُحدث اضطرابًا كبيرًا في هيكل القيادة والسيطرة لدى الحرس الثوري والجيش النظامي على حد سواء.

اغتيال علماء نوويين بارزين

لم تقف الضربات عند القادة العسكريين، بل امتدت لتصيب صميم المشروع النووي الإيراني، حيث أعلنت مصادر إيرانية عن مقتل عدد من علماء الذرة، من بينهم:

  • أحمد رضا ذو الفقاري، أستاذ الهندسة النووية المعروف.
  • مهدي طهرانجي، أحد الخبراء الرئيسيين في تطوير أجهزة الطرد المركزي.
  • فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
  • عبد الحميد مينوشهر، وأمير حسين فقهي، ومطلبي زاده، وهم من الباحثين الأساسيين في برامج التخصيب وتطوير الوقود النووي.

هذا الاستهداف المنهجي لعلماء البرنامج النووي الإيراني يذكّر بعمليات الاغتيال السابقة التي نُفذت على مدار العقد الماضي، والتي اتهمت طهران فيها جهاز الموساد الإسرائيلي مباشرة.

مصير علي شمخاني: تضارب في الروايات

وسط تباين المعلومات، تحدثت مصادر إعلامية محلية عن إصابة علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني والمسؤول المباشر عن ملف التفاوض النووي، خلال الهجمات. لكن صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن مسؤولين أمنيين أميركيين أن شمخاني قُتل في الضربات.

وإذا تأكد مقتله، فسيكون ذلك بمثابة ضربة سياسية كبرى لإيران، خصوصًا في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، تزامنًا مع مفاوضات متعثرة مع الغرب، وتوترات متصاعدة في الخليج ولبنان وسوريا.

قراءة في أبعاد التصعيد

يُعتبر الهجوم الإيراني بمثابة استعراض لقدراتها في مجالات الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة، كما يُفهم ضمنيًا على أنه رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل سيقابله تصعيد أكبر. وفي المقابل، واجهت إسرائيل هذا التحدي عبر حشد دفاعاتها الجوية واستدعاء قوات الاحتياط، بالتوازي مع اتصالات دبلوماسية مكثفة مع واشنطن والقوى الغربية لضمان الدعم العسكري والسياسي.

ردود الفعل الإيرانية والإسرائيلية: تهديدات تتراوح بين الردّ والاحتواء

جاء الرد الإيراني عبر تصريحات نارية تتوعد بـ“رد قاسٍ وغير محدود”، وسط تحذيرات دولية من انزلاق الوضع إلى مواجهة إقليمية شاملة وتوعدت إيران بإطلاق نحو 2000 صاروخ في الجولة التالية من المواجهة، بحسب المتحدث العسكري الإيراني. إلا أن هذا التهديد، رغم ضخامته، يُقرأ في إطار الردع النفسي أكثر منه قرارًا عمليًا آنياً، خصوصًا في ظل الارتباك الكبير داخل المؤسسة الإيرانية بعد خسارة هذا الكم من القادة والخبراء.

كما تعهدت القيادة الإيرانية . وقال مسؤولون عسكريون إيرانيون إن الرد المقبل “لن يقتصر على نطاق محلي، بل سيشمل قواعد أميركية في الخليج والعراق وسوريا،ومواقع إسرائيلية في عدة دول”.

وفي بيان رسمي، أعلن الحرس الثوري الإيراني أن عملية “الوعد الصادق 3” نُفذت بقوة وبصورة منسقة، مؤكدًا أنها “تحمل رسالة واضحة بأن أمن إيران خط أحمر، ولن يُسمح بتجاوزه دون رد مؤلم”.

وفي تصريحات لشبكة CNN، حذّر مسؤول إيراني رفيع من أن أي دولة تدافع عن إسرائيل ستكون قواعدها الإقليمية هدفًا مشروعًا للهجوم الإيراني، مضيفًا أن “إيران تحتفظ بحقها في الرد بموجب القانون الدولي، وأي تدخل في دعم إسرائيل سيواجه برد عنيف على الأرض”.

في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه سيبدأ مهاجمة أهداف في طهران، مؤكداً أن “الطريق لإيران بات ممهدا”. وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أن الجيش هاجم منشآت نطنز وأصفهان وفوردو النووية في إيران وأبدت إسرائيل استعدادها لمواجهة أي رد محتمل، ورفعت مستوى التأهب في كافة جبهاتها، بينما دخلت الولايات المتحدة في حالة استنفار في قواعدها المنتشرة في الخليج والعراق وسوريا، وسط أنباء عن عمليات إعادة انتشار استراتيجية.

وردًا على الهجمات الإيرانية، قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي إن طائراته نفذت “غارات دقيقة في طهران ذات أهمية عملياتية”، شملت مئات الأهداف داخل إيران، بما في ذلك منشآت دفاع جوي ومراكز قيادة في مناطق نطنز وأصفهان وفوردو، مضيفًا أن الطريق إلى طهران بات ممهدًا.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن هذه الغارات استهدفت القدرات الدفاعية الإيرانية في قلب طهران، مؤكدًا أن العملية تُعد من أعمق الضربات الجوية في تاريخ إسرائيل، على بعد 1500 كيلومتر من أراضيها.

انفجارات متتالية وهجمات مكثفة

وبدأت إسرائيل منذ دقائق جولة جديدة من التصعيد العسكري ، مستهدفة عدة مواقع داخل الأراضي الإيرانية، حيث أطلقت صواريخ أصابت أربعة مواقع في محافظة أذربيجان الشرقية، الواقعة شمال غربي البلاد، وفق ما نقلته وكالة أنباء “فارس”.
وفي تصعيد متزامن، دوّى قبل لحظات انفجار عنيف في مدينة خُرَّم‌آباد، عاصمة محافظة لورستان غربي إيران، ما يرفع منسوب التوتر ويعزز المخاوف من اتساع رقعة الضربات الإسرائيلية في العمق الإيراني.

المجتمع الإيراني: بين الغضب والخوف

الشارع الإيراني يقف اليوم بين مشاعر الحزن لفقدان رموز عسكرية وعلمية، ومشاعر الخوف من جر البلاد إلى حرب لا تحتملها الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الراهنة. وهو ما يُشكّل ضغطًا على النظام السياسي الذي يخشى من تصاعد الاحتجاجات الداخلية، إن بدا غير قادر على الرد أو فشل في تحقيق توازن الردع.

مواقف دولية متباينة: بين الترقب والتحذير

المجتمع الدولي تابع التطورات بقلق بالغ. الولايات المتحدة رفعت درجة التأهب في قواعدها المنتشرة في المنطقة، مع إرسال رسائل تحذيرية لطهران من أي استهداف مباشر للقوات الأميركية. في المقابل، دعت العواصم الأوروبية إلى ضبط النفس وتفادي الانزلاق نحو حرب إقليمية.

روسيا والصين استغلتا الموقف لتوجيه انتقادات للسياسات الغربية في الشرق الأوسط، مع الحفاظ على علاقاتهما مع طهران دون الدخول في مواجهات مباشرة مع تل أبيب.

روسيا تحذّر من كارثة نووية.. وبوتين يتدخل

دقّ مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا ناقوس الخطر، محذرًا من أن الهجوم الإسرائيلي على إيران “يدفع المنطقة إلى كارثة نووية كبرى”، مشددًا على أن “العواقب الإشعاعية لتدمير المنشآت النووية مثيرة للقلق”.

وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بيان رسمي إدانته لتصرفات إسرائيل، محذرًا من أن استمرار هذا التصعيد سيقود الشرق الأوسط إلى “عواقب وخيمة”، داعيًا إلى ضبط النفس ومواصلة التواصل مع الطرفين لتفادي الانزلاق إلى حرب شاملة.

الولايات المتحدة: حماية مواطنينا أولاً

من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة عبر بيان لمجلس الأمن، أنها “لم تشارك عسكريًا في الضربات الإسرائيلية”، لكنها ساعدت في إسقاط الصواريخ الإيرانية لحماية “مئات الآلاف من الأميركيين في إسرائيل”، مؤكدة في الوقت نفسه تمسكها بالحل الدبلوماسي ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي.

السيناريوهات المحتملة: بين الرد الإسرائيلي والتصعيد الإقليمي

في ضوء حجم الضربة الإيرانية واتساع نطاقها الجغرافي والتقني، يترقب العالم ردّ الفعل الإسرائيلي الذي قد يتراوح بين ضربات محدودة تستهدف منشآت عسكرية داخل إيران أو في سوريا والعراق، وبين تصعيد أوسع قد يشمل استهداف مراكز القيادة والسيطرة أو حتى منشآت نووية. وتؤكد مصادر أمنية إسرائيلية أن “الرد قادم لا محالة”، وأن الحكومة الإسرائيلية تدرس خيارات استراتيجية تراعي تحقيق توازن بين الردع وعدم الانزلاق إلى حرب شاملة.

من جهة أخرى، تخشى القوى الدولية من أن أي رد إسرائيلي كبير قد يؤدي إلى فتح جبهات إضافية مع حزب الله في لبنان، والميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا واليمن، ما يعني تحوّل المنطقة إلى ساحة حرب متعددة الأطراف. ولهذا تسارع واشنطن إلى احتواء التصعيد عبر قنوات دبلوماسية موازية، بالتزامن مع تعزيز وجودها العسكري في الخليج.

يبقى المشهد مفتوحًا على عدة سيناريوهات:

اولاً: ردّ محدود عبر أذرع إيران في المنطقة (مثل حزب الله والحوثيين)، لتفادي الحرب المفتوحة.

ثانياً: تصعيد تدريجي يشمل ضربات متبادلة داخل سوريا والعراق.

ثالثاً: مواجهة شاملة، إذا قررت إيران الرد بشكل مباشر واستهدفت أراضي إسرائيل أو قواعد أميركية، وهو ما قد يؤدي إلى انفجار إقليمي كبير.

إلا أن المؤكد هو أن مرحلة جديدة من الصراع قد بدأت، تتجاوز حدود العمليات الاستخباراتية والضربات غير المباشرة، وتضع المنطقة أمام معادلة شديدة الحساسية: الردع بالقوة، أو الانهيار في فوضى الحرب الكبرى.

 مرحلة كسر العظم بدأت.. والهدوء لم يعد خيارًا

إيران تجد نفسها اليوم في لحظة حرجة: خسائرها العسكرية والعلمية جسيمة، والرد لم يعد خيارًا بل ضرورة لحفظ ماء الوجه داخليًا. لكن أي ردّ متهور قد يُشعل المنطقة، ويضعها في مواجهة متعددة الجبهات مع إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما. أما إسرائيل، فبإتمام هذه العملية النوعية، فإنها ترسل رسالة بأنها لن تسمح لإيران بالوصول إلى عتبة نووية، بأي ثمن.

المنطقة تقف على حافة الاشتعال، والمجتمع الدولي مدعو للتحرك بسرعة، قبل أن تنفجر كل خطوط التماس دفعة واحدة.

الضربة الإسرائيلية لم تكن فقط عسكرية؛ بل كانت رسالة استراتيجية. إيران، التي لطالما استخدمت مبدأ “الصبر الاستراتيجي”، تجد نفسها اليوم أمام اختبار وجودي: إما الرد والتصعيد، بما يحمله من كلفة باهظة، أو الانكفاء وإعادة تموضع أوراقها الإقليمية، وهو ما قد يُفسَّر داخليًا كضعف.

وبذلك فإن الشرق الأوسط يمر بمنعطف غير مسبوق، والمشهد مفتوح على كل السيناريوهات… فهل نحن على أبواب حرب إقليمية واسعة، أم أن العقلانية ستتغلب في اللحظة الأخيرة؟

يبقى السؤال المطروح: هل تمتلك إيران القدرة على الرد الموجع، أم أن هذه الضربة ستدفعها إلى إعادة تقييم استراتيجيتها الإقليمية والنووية، وربما العودة إلى طاولة التفاوض بشروط أكثر مرونة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى