تقرير: مروة محي الدين
“استهداف خامنئي لن يصعد القتال بل سينهيه”… هكذا أعلن رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو” تغير خطة أهدافه من عدوانه على إيران، لتشمل اغتيال المرشد الأعلى الإيراني “آية الله علي خامنئي”.
وذلك بعد أيام قليلة من تصريح رئيس مجلس الأمن القومي لدى الاحتلال: بأن اغتيال “خامنئي” ليس ضمن أهدافهم وكذلك من حوله، لينقلب “نتنياهو” على ذلك اليوم، ويجعله حتمية فيقول: “سنفعل ما يتحتم علينا فعله”.
ومن هنا توجهنا بالسؤال للأستاذ “أسامة حمدي”- الباحث المتخصص في الشأن الإيراني- حول مدى جدية تهديدات الاحتلال بالنيل من المرشد، فأجاب في تصريحات خاصة لموقع اليوم قائلًا: “تهديد نتنياهو باغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي يأتي في سياق الحرب النفسية على النظام الإيراني، والترويج لفكرة امتلاك الاحتلال أذرع طويلة تصل لكل مكان بإيران، واستعراض للقوة بأن الاختراق الاستخباراتي لإيران يصل حتى موقع المرشد، لكن المرشد لديه حراسة كبيرة جدا يصل قوامها 25 ألف ضابط وجندي من الحرس الثوري”.
ولم ينفي احتمالات الاغتيال بشكل قاطع، فتحدث عن السيناريوهات المُحتملة حال نجح الاحتلال في ذلك، وأثر ذلك على ثبات النظام الإيراني، فقال: “وإن نجح الاحتلال في اغتيال خامنئي، فإن مجلس خبراء القيادة الإيراني- والمنوط به اختيار المرشد حال وفاة شاغل المنصب أوعجزه أو اغتياله أو ما يحول دون أدائه وظائفه- المكون من أعضاء منتخبين من كل المحافظات الإيرانية، سينعقد ويختار بديل للمرشد، مثلما حدث بعد وفاة الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية واختار المجلس خامنئي من بعده”.
وأضاف: “وفي حالة خامنئي، فقد تعرضت صحته للتدهور عدة مرات من قبل، لذا انعقد المجلس بناءً على طلبه، واختار ثلاثة بدلاء له ليتم اختيار أحدهم خلفًا له، وهم: مجتبي خامنئي ابن المرشد الحالي وهو عالم دين، وكان يدرس في الحوزة العلمية في قوم، وحصل على لقب أية الله أي مجتهد في الدين؛ وعلي رضا عارفي وهو نائب رئيس مجلس خبراء القيادة؛ ومحمد مهدي مير باقري وهو أحد منظري ثورة 1979 الإيرانية، التي أسست للجمهورية الإسلامية، وهو أحد رجال خط الإمام الخميني؛ ومن هنا سيحلف أحدهم المرشد”
وتابع: “وعليه يوجد بديل له حال اغتياله، لأن إيران دولة مؤسسات في الأساس، لا يرتبط فيها النظام فيها بوفاة المرشد او بشخص القيادة، وليس أدل على ذلك من بقاء الجمهورية الإسلامية واستمرارها حتى بعد وفاة مؤسسها الخميني، وحتى الاختراق الذي حدث وأدى لاستشهاد القادة العسكريين، تم تعويضه في غضون سويعات قليلة، وبادرت إيران لرد الهجوم في 12 ساعة من الهجوم”.
اختراق استخباري وخيارات مفتوحة
وفي مؤتمر صحفي اليوم، رفض “نتنياهو” الإفصاح عن أية تفاصيل تتعلق بإعلانه اغتيال “خامنئي”، معللا ذلك بعدم رغبته في إفشاء مخططاته في العلن، لكنه عاد يؤكد انفتاح خياراته على كل ما يتطلبه الأمر.
وقد علق “حمدي” في تصريحاته لليوم على مجمل تصريحات “نتنياهو” حول تلك الخطة، فقال: “ما يقوله نتنياهو عن فعل كل ما يلزم لاغتيال خامنئي، لأن ذلك من شأنه إنهاء القتال ليس صحيحًا، بل بالعكس فذلك سيؤدي لانتقام أعلى من الجيش الإيراني والحرس الثوري لاغتيال قائدهم، مثلما حدث في الضربات التي تلقاها الاحتلال ردا على اغتيال القيادات العسكرية، ذلك أن خامنئي ينظر له وفقا للأيديولوجية الشيعية أنه ينوب عن الإمام الغائب (المهدي المناظر)، أحد خلفاء الإمام علي ابن أبي طالب، وهو جوهر ولاية الفقيه، ووريث السلطة من بعد الإمام علي والإمام الحسين، ومن هنا له قدسية دينية ومكانة كبرى”.
وبإعلان “نتنياهو” انفتاح خياراته لتنفيذ قرار الاغتيال، فتح الباب على قدرته على الوصول لموقع المرشد، لاسيما مع ما تحدث به الرئيس الإيراني الأسبق “محمود أحمدي نجاد” عن: وصول اختراق الموساد للأجهزة الإيرانية الحساسة حد عمل رئيس وحدة الاستخبارات السرية المختصة بمطاردة عملاء الموساد لصالح الموساد مع 20 من مساعديه.
وفي ذات السياق أعلنت إيران اليوم إعدام عميل للاحتلال والقبض على آخرين في مناطق بإيران، ما يبرر انكشاف عمق المواقع العسكرية والنووية الإيرانية وعمق الداخل الإيراني للاحتلال، وأماكن تواجد قادة الأركان وقادة الحرس الثوري وأماكن اجتماعاتهم.
وهو ما يرفع احتمالات انكشاف موقع “خامنئي” وأماكن اختبائه وتحركاته للاحتلال، بما يجعل احتمال نجاح الاحتلال في تلك الضربة احتمالًأ واردًا، وحول هذا الاختراق يقول “حمدي”: “الاختراق الأمني كبير في إيران، بسبب الجواسيس وبسبب خيانة المعارضة الإيرانية للجمهورية الإسلامية، ولنا في حرب إيران مع العراق مثال على ذلك، حينما حملت المعارضة الإيرانية من جماعة مجاهدي خلق واليساريين السلاح، وحاربوا في صفوف الجيش العراقي، وحاربوا دولتهم واجتاحوا الأراضي الإيرانية مع الجيش العراقي، ومن هنا فالمعارضة الإيرانية ليست معارضة شريفة وإنما مجموعة من الخونة”.
وأضاف: “كذلك كارهي الجمهورية الإسلامية في إيران كثيرون، وهو ما يعقد الأمر، بيد أننا اليوم نرى مطاردات وحالات قبض عليهم واعتقالات واسعة، كما أن الدولة أثبتت قدرتها على استعادة توازنها في فترة وجيزة، فلم تفقد السيطرة إلا لساعات معدودة”.
الشراكة الأمريكية
وفي حديث “نتنياهو” أكد مساعدة الولايات المتحدة لهم، ودعم رئيسها له في كل تحركاته، كما ترددت أنباء في بداية الضربة عن تلقي الاحتلال لمساعدات استخبارية كبيرة من الولايات المتحدة في ضرب إيران، بما قد يرجح احتمالات الشراكة الأمريكية في عملية الاغتيال المحتملة، على الرغم من تصريحات “ترامب” برفض تلك الخطة.
وفي هذا الصدد، قال “حمدي”: “كل الاختراق الاستخباراتي الذي نفذه الاحتلال في إيران تم بدعم أمريكي، وتلك إمكانيات الولايات المتحدة وبريطانيا وليست إسرائيل وحدها، سواء في الوصول لمقرات القادة واغتيالهم واغتيال العلماء النوويين، وحال اغتيال خامنئي فلن يكون ذلك إلا بدعم أمريكي، وبإمكانيات الولايات المتحدة، وإن كان المعلن عكس ذلك، فكل شيء يتم تنسيقه في الخفاء”.
لتبقى في النهاية عملية اغتيال المرشد الأعلى الإيراني مراهنة كبرى، بين قوة الاختراق الأمني الذي حققه الاحتلال في مفاصل الدولة الإيرانية، وقدرة الأخيرة على كبح الاختراق ووقف انتشاره وتعطيل مخططاته، فتكون للأحداث القادمة وحدها القول الفصل في حركة الميدان.