الرئيسيةتقارير-و-تحقيقاتعرب-وعالم

هل انتهت واشنطن من خطة “التخصيب الحربي” لبرنامج إيران النووي؟

عاد ملف برنامج إيران النووي إلى واجهة التوترات الإقليمية والدولية بعد إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا رسميًا يتهم طهران بعدم الامتثال الكامل لالتزاماتها. الأمر الذي فُسّر على نطاق واسع كخطوة تمهيدية لتصعيد محتمل.

وسط تحذيرات مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال إن بلاده “لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي تحت أي ظرف، وبأي ثمن”. بينما ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التهديد بـ”الرد منفردًا إن تطلب الأمر”.

ويسعى موقع “اليوم” للرد على تساؤلات تدور حول: هل المنطقة بصدد مواجهة عسكرية؟ أم أن الأمور لا تزال في إطار الضغوط القصوى المتبادلة؟ وهل انتهت واشنطن من خطة “التخصيب الحربي” لبرنامج إيران النووي؟

توقيت محسوب ورسائل مركبة

يرى الباحث في العلاقات الدولية، رمضان الشافعي غيث، أن توقيت التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يكن مفاجئًا، بل يتسق مع مسار متصاعد من “الضغط المركب” على طهران.

ويقول الشافعي، في تصريح خاص لموقع “اليوم”: “تقرير الوكالة يأتي ضمن حملة ترهيب وترغيب تقودها واشنطن وتل أبيب، وتستهدف دفع إيران للتراجع عن التخصيب داخل أراضيها. أو على الأقل تجميده، في وقت تخلو فيه المنطقة من أي تهدئة حقيقية منذ قرابة عامين”.

ويضيف أن التقرير يخدم هدفين متوازيين:
  • أولهما خلق غطاء قانوني أممي لأي تحرك عسكري محتمل ضد إيران
  • ثانيهما تعزيز موقف الغرب في أي مفاوضات مقبلة عبر الضغط النفسي والدولي على القيادة الإيرانية. التي تواجه أزمة داخلية مركبة من العقوبات وتوترات إقليمية متزايدة.

التهديد بالحرب.. دون قرار بالحرب

ورغم ارتفاع سقف التصريحات، يشير الشافعي إلى أن كلاً من واشنطن وطهران لا يزالان ملتزمين بـ”اللعبة على الحافة”، حيث لا يتنازل أي طرف في المفاوضات، لكن لا يُقدم أحد على كسر قواعد الاشتباك المعروفة.

ويشرح: “هناك تصلب من الطرفين: إيران ترفض التنازل عن حقها في التخصيب، والولايات المتحدة تصر على الضمانات الكاملة. هذا الجمود يدفع نحو التصعيد، لكن دون أن يعني بالضرورة أن الحرب غدًا. الخطورة تكمن في أن أي حادث صغير قد يشعل فتيل الانفجار”.

إجلاء الأمريكيين.. مؤشر خطر؟

وفيما يخص قرارات بعض السفارات الغربية، ومنها الأمريكية، بإجلاء جزئي لموظفيها في المنطقة، يرى الشافعي أن هذه الإجراءات ليست فقط أمنية احترازية. بل تحمل رسائل ضغط استراتيجية على إيران، وتلمّح بأن عملاً عسكريًا لم يعد مستبعدًا، على الأقل من الجانب الإسرائيلي.

ويضيف أن إسرائيل، رغم استعدادها العلني، تواجه عقبة رئيسية: “معظم المنشآت النووية الإيرانية مدفونة داخل الجبال أو محصنة بشكل يصعب تدميره بالغارات الجوية التقليدية. إسرائيل قد تكون بحاجة إلى دعم أمريكي لوجستي وتكنولوجي لتنفيذ ضربة ناجحة”.

خيارات إيران

يؤكد الشافعي أن طهران تدرك حدود القوة الإسرائيلية الأمريكية لكنها تستعد لكل الاحتمالات. ويوضح أن الرد الإيراني على أي ضربة، إن وقعت، سيكون مرجحًا أن يجمع بين الضربات المباشرة عبر الصواريخ. وعمليات غير مباشرة عبر “الوكلاء”، خاصة في العراق وسوريا ولبنان.

ويقول الشافعي: “رغم تراجع نفوذ إيران الإقليمي مقارنة بسنوات مضت، إلا أن وكلاءها لا يزالون قادرين على تنفيذ عمليات نوعية ضد مصالح أمريكية وإسرائيلية”.

ويحذر من أن الخيار الأخطر قد يكون إعلان طهران رسميًا التحول إلى تطوير سلاح نووي، وهو ما لم تعلنه حتى الآن.

ويتابع: “بامتلاكها كميات ضخمة من اليورانيوم عالي التخصيب، فإن إيران لن تحتاج إلى سنوات كما في الماضي. بل ربما شهور معدودة. وإذا اتخذت هذا القرار، سيكون من الصعب على الغرب ردعها دون تدخل عسكري”.

حرب شاملة؟ لا أحد يريدها

ورغم كل السيناريوهات، يعتقد الشافعي أن الاحتمال الأكبر هو توجيه ضربات موضعية ومحددة وليس الانجرار إلى حرب شاملة. لأن اندلاع مواجهة مفتوحة سيعني انزلاق المنطقة بأكملها إلى صراع “الجميع ضد الجميع”، كما وصفه.

وزاد بالقول: “في حال نشوب حرب مفتوحة، فلن تبقى جغرافيًا بين إيران وإسرائيل، بل ستمتد إلى دول الخليج والملاحة الدولية والمصالح الأمريكية، وهذا ما لا يريده أحد، حتى صقور واشنطن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى